ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة...

القرآن يؤكد ثبات النبي(ص) على دعوته

19:00 - January 31, 2024
رمز الخبر: 3494431
بيروت ـ إکنا: نقل لنا القرآن الكريم ثبات النبي الأكرم محمد (ص) على دعوته ويقينه من سلامة طريقه، وعزمه على مواصلة مسيرته الربانية الرشيدة، والله يثبِّتُهُ ويرعاه: "قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ" ﴿يوسف/ 108﴾.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "عَلى قَدْرِ الرَّأْيِ تَكُونُ الْعَزيمَةُ".
 
كلما كنت متأكداً من سلامة رأيك، مطمئناً إلى أن مصلحتك تكمن فيه، موقِناً من موافقته لأمر ربك، فلا شك أن عزمك على فعله سيكون قوياً ثابتاً راسخاً تزول الجبال ولا تزول عنه، أما إذا لم تطمئن إليه، فكنت شاكاً في صحته أو في نتائجه، أو في موافقته لأمر ربك، فمن الطبيعي أن يفتُرَ عزمك على فعله، وقد تختار في النهاية عدم فعله، إذ على قَدْر الرأي وصحته وحقانيته يكون العزم عليه.

ما تقدم يفرض عليك أن تكون على يقين من أمورك كلها، عقيدتك، أهدافك، غاياتك، وسلامة طريقك، فجميع ذلك يجعلك أكثر عزماً على المضي إلى الأمام، وأكثر صلابة في الثبات على مواقفك، وأكثر إصراراً على بلوغ أهدافك مهما واجهك من عقبات وصعوبات وتحديات.

إن القرآن الكريم ينقل لنا صوراً حَيَّة ومُلهِمة عن قوة العزيمة الناشئة من سلامة العقيدة وصحّة الرأي، فها هو ينقل لنا عزم النبي إبراهيم (ع) على المُضِيِّ قُدُماً في دعوته الرشيدة، معلناً براءته مِما يعبد قومه من دون الله، فيقول: "وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ ﴿26﴾ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ" ﴿الزُّخْرُف/ 27﴾.

وعندما ألقَوه في النار وجعلها الله عليه برداً وسلاماً عاد وأكَّد لهم مرة أخرى على ثباته على عقيدته وعزمه متابعة مسيرته ولجوئه إلى الله تعالى: "وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ" ﴿الصافّات/ 99﴾.

هو ذا (ع) يهاجر إلى الله تاركاً وراءه أباه وقومه وأهله وبيته ووطنه، وكل ما يربطه بالأرض التي ولد ونشأ وترعرع فيها، مُسَلِّماً نفسه لربه موقِناً أنه سيهيده ويرعاه ويُدَبِّرُ أموره، يفعل ذلك بعزم لا يلين.  

وعلى هذا مضى معه المؤمنون بدعوته فها هم جميعاً يتبرؤون من القوم، والقوم قومهم، هم آباؤهم وأمهاتهم وإخوتهم وأرحامهم وكل من لهم صلة بهم، يتبرؤون منهم ومن كفرهم وعنادهم ومِمّا يعبدون من دون الله، إنهم لسلامة معتقدهم ويقينهم من رأيهم يقطعون كل الوشائج والأواصر معهم، وفي هذا الموقف وفي هذا العزم الذي لا يلين ولا يفتُر تجربة حيَّة يجب أن يتأسّى بها كل المؤمنين الصادقين على طول الخط الإيماني مهما تعاقبت الأجيال.

وقال تعالى: "قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ..."﴿المُمتَحَنة/ 4﴾. 

ونقل لنا القرآن الكريم ثبات النبي الأكرم محمد (ص) على دعوته ويقينه من سلامة طريقه، وعزمه على مواصلة مسيرته الربانية الرشيدة، والله يثبِّتُهُ ويرعاه: "قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ" ﴿يوسف/ 108﴾.

إن النبي الأعظم (ص) لَموقِن من دعوته واستقامة سبيله، وهي سبيل الله، فيعلن ذلك جهرة وبصوت عالٍ: هذه سبيلي، لا عِوَجَ فيها ولا شَكَّ ولا شُبهةـ إنه على الهدى، والنور، وهو يعرف طريقه جيدا، ويسير عليها على بصيرة وإدراك ومعرفة، ومن ثم فهو ومن اتبعه يمضون عليها أياً تكن العقبات، ومهما تطلَّبت من تضحيات. 

وهذا الإمام أمير المؤمنين (ع) يمضي إلى حرب الجمل لمقاتلة الناكثين الذين تحزَّبوا في وجهه وهو الخليفة الشرعي الأوحد الذي بايعته الأمة بإرادتها واختيارها، ويقول: "أَلَا وَإِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ جَمَعَ حِزْبَهُ وَاسْتَجْلَبَ خَيْلَهُ وَرَجِلَهُ، وَإِنَّ مَعِي لَبَصِيرَتِي مَا لَبَّسْتُ عَلَى نَفْسِي وَلَا لُبِّسَ عَلَيَّ، وَأَيْمُ اللَّهِ لَأُفْرِطَنَّ لَهُمْ حَوْضاً أَنَا مَاتِحُهُ، لَا يَصْدُرُونَ عَنْهُ وَلَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ"
 
وهذا حفيده الشريف عَلِيُّ الأكبر يخفق والده الحسَينُ (ع) برأسه خفقة فيقول: "إنّا لِلَّهِ وإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ" فيقول عَلِيُّ الأكبر (ع): أوَلِسْنا على الحَقِّ؟!. فيقول الحُسَين (ع): "بَلى" فيقول عَلِيٌّ: إِذا لا نُبَالِي أوَقَعْنا عَلى المَوْتِ أَمْ وَقَعَ المَوْتُ عَلَيْنا"
 
وإذاً: كلما كان الرأيُّ سليماً كانت العزيمة أشَدُّ، وهذا ما نجده اليوم في المقاومة الشريفة في لبنان التي مضت بعزم وصلابة وعلى بصيرة من أمرها على ذات الطريق الذي مضى عليه إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد وعلي والحسين (ع) وستنتصر حتماً إن شاء الله تعالى.
 
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:
captcha