ایکنا

IQNA

باحث جزائري يكشف الجذور الدينية للإسلاموفوبيا في السياق الغربي

14:21 - August 05, 2023
رمز الخبر: 3492190
الجزائر ـ إکنا: كشف "الدكتور بدران بن لحسن"، الأستاذ المشارك والباحث في مركز "ابن خلدون" للعلوم الإنسانية والاجتماعية التابع لجامعة قطر معلومات وتفاصيل خاصة عن "الإسلاموفوبيا"، وجذورها الدينية والثقافية في السياق الغربي، والتي أنتجت خطاب الكراهية ضد الإسلام والمسلمين الذي يميز بعض المجتمعات.

ونشر البحث في مجلة جامعة قطر بعنوان: "الإسلاموفوبيا وجُذورها الدينية والثقافية في السياق الغربي" وحاول الباحث وهو جزائري ولديه اهتمام واسع بفكر مالك بن نبي، فهم الظاهرة في جذورها، وفتح باب المراجعة الثقافية، الدينية والفكرية الغربية نحو الإسلام، والانفتاح عليه، وتجاوز عقدة الحروب الصليبية، وبناء فهم علمي واقعي للإسلام والمسلمين لصالح التعاون الحضاري والعيش المشترك بدل الصراع.

وتجتاح ظاهرة الإسلاموفوبيا العالم شرقاً وغرباً، وتنتج خطاب كراهية ضد المسلمين، ديناً وأمةً وثقافةً وشعوباً وحضارةً، جعلت المسلمين يعانون كثيراً، ويواجهون صعوبات في بناء صلات حضارية وثقافية ودينية مع غيرهم من الأمم والحضارات والشعوب، وبخاصة في الغرب، بحسب تقارير عدة.

واعتبر البحث الذي اطلعت "القدس العربي" على نسخة منه، أن مصطلح الإسلاموفوبيا من أكثر المصطلحات الشائعة الاستعمال، دون تحديد دقيق لها، وبالرغم من أن الخوف من الإسلام وكراهية المسلمين أمر قديم، إلا أن مصطلح الإسلاموفوبيا حديث نسبياً. ولم يظهر هذا المصطلح إلا في الخطاب المعاصر مع نشر تقرير "الإسلاموفوبيا: تحد لنا جميعاً" من قبل المنظمة البريطانية غير الحكومية سنة 1997، حيث أورد التقرير أن من بين معاني الإسلاموفوبيا النظر إلى الإسلام أنه أدنى من الغرب، وهو همجي، غير عقلاني وبدائي ومتحيز جنسيًا وعنيف، وعدواني ويدعم الإرهاب، ويشارك في صدام الحضارات. حتى صار ذلك يستخدم لتبرير الممارسات التمييزية تجاه المسلمين واستبعادهم والتضييق عليهم.

واعتبر الباحث أنه بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001، شاع المصطلح وانتشر أكثر في الولايات المتحدة وفي غيرها، ليصير بعدها شائع الاستخدام في الدوائر العامة والأكاديمية، وبِدلالات لا تجعل من الخطاب المندرج في ذلك السياق خطابًا ترحيبيًا بالمسلمين، ولا صديقًا لهم أو عادلاً في التعامل معهم، ولا إنسانيًا، ولا حواريًا، ولا متسامحًا، ولا قابلاً لوجود الإسلام والمسلمين. وتسبب انتشار مصطلح الإسلاموفوبيا في تشكيل صورة تمنع بناء جسور التواصل بين الإسلام والغرب، والحوار والتعاون والتعايش والاندماج في الحضارة الإنسانية.

ويؤكد الدكتور بدران بن لحسن أن الإسلاموفوبيا ظاهرة تسيء إلى الإنسانية جمعاء، وتتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان ومع أحكام القانون الدولي، مبيناً أنها ليست وليدة أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001 فقط، بل لها جذور تمتد في التاريخ، وهي حصيلة عوامل متعددة دينية وثقافية وحضارية، وصيرورة تاريخية، أفضت إلى ما نشهده اليوم من تحول الظاهرة إلى خطر يهدد التعايش، بما يبثه من كراهية ضد المسلمين مبنية على مغالطات وأحكام جاهلة تعميمية تفتقد للمعطيات الصحيحة.

وحاول الباحث الجزائري تحليل الجذور التي أدت إلى الإسلاموفوبيا وأنتجت خطاب الكراهية ضد المسلمين، مشيراً في ورقته البحثية أن الجذر الديني للإسلاموفوبيا يعود لاضطراب موقف الكنيسة من الإسلام منذ بداية انتشاره ولقائه بالمسيحية في مناطق عدة، وكان الاتجاه الكنسي السائد هو تكذيب الإسلام، والسعي إلى التخويف منه، وزرع الكراهية نحوه، من خلال تشويه الإسلام ونبيه وكتابه والمسلمين وثقافتهم وحضارتهم.

ويشير البحث المنشور في مجلة جامعة قطر إلى أن “الراهب يوحنا الدمشقي، يعتبر رائد آباء الكنيسة في تشويه الإسلام، واستمر تأثيره إلى اليوم، وما نراه اليوم من استهزاء وسخرية في الغرب بالإسلام والنبي صلى الله عليه وآله وسلم، إنما هو تقليد بدأه يوحنا الدمشقي واستمر بعده إلى اليوم.

وجاء في البحث أن الحروب الصليبية من أكثر العوامل تشكيلاً للمخيال الغربي في تعامله مع الإسلام، ولا يكاد يتخلص من ذلك، بل صار هذا المخيال يوجه رجال العلم والسياسة وقادة الجيوش وعامة الناس، وبقي أثر تلك الروح الصليبية حتى القرن العشرين، وانتقلت هذه الصورة المشوهة إلى قادة الإصلاح الفكري والديني في أوروبا.

واعتبر البحث المنشور في مجلة جامعة قطر للبحوث أن “نظرة الغرب للإسلام دخلت مرحلة جديدة مع عصر النهضة الأوروبية في القرن 15، وبلغت قمتها مع حملات الاستعمار الأوروبي، الذي وظَّف الاستشراق لتشكيل صورته عن الشرق والإسلام، وكانت معرفة الغرب للإسلام في هذه المرحلة- كما يذكر إدوارد سعيد- بغرض السيطرة عليه وليس فهمه، وتمت هذه العملية بطريقة مؤسسية، تعاونت فيه مؤسسات الفكر والمعرفة الأوروبية تعاوناً وثيقاً مع مؤسسات الاستعمار الأوروبية الرسمية بهدف مدَّها بالمعرفة اللازمة للسيطرة على المجتمعات المستعمرة.

ويشدد الباحث "بدران بن لحسن" أن الاستشراق صار يمثل الجذر الثاني للإسلاموفوبيا، في بُعدها الثقافي الحضاري، وشكل أداة للاستعمار الغربي الحديث للعالم، وتركيز عقدة التفوق الغربي على العالم، والصراع معه، وبخاصة مع الإسلام الذي أدرك المستشرقون عدم قابليته للتطويع، فحذَّروا من أنه هو الخصم المستمر الذي يُشكِّل تحديًا للغرب، ومن هنا تشكَّل ذلك الهوس بالصدام مع الإسلام ومواجهته.

ويؤكد الباحث بدران بن لحسن أنه لا حل لزوال خطاب الكراهية المقيت النابع من الإسلاموفوبيا إلا بتجاوز الأحكام التاريخية التي لم تعد واقعية ولم تكن يومًا كذلك، وذلك يكون بفتح باب المراجعة الثقافية، الدينية والفكرية الغربية نحو الإسلام، والانفتاح عليه، وتجاوز عقدة الحروب الصليبية، من أجل بناء فهم علمي واقعي للإسلام والمسلمين.

وصنفت جامعة قطر ضمن أفضل 500 جامعة على مستوى العالم ضمن تصنيف “التايمز” للتعليم العالي للجامعات العالمية للعام 2018 ، الذي تم الإعلان عنه مؤخرا، حيث تقدمت إلى المراكز بين 401-500، واحتلت المركز الثالث عربيا، في التصنيف ذاته.

المصدر: القدس العربي 

captcha