ایکنا

IQNA

المؤرخ التونسى "حسن حُسنى" احتفظ بمجموعة من أقدم نسخ القرآن

11:08 - January 16, 2024
رمز الخبر: 3494215
إکنا: إهتمّ المؤرخ التونسي الراحل "حسن حسني عبد الوهاب" باعتباره واحداً من أشهر المُحقِّقين في التُّراث العربي، بجمع النسخ النادرة من الكتب والمخطوطات ومنها مجموعة من أقدم نسخ القرآن الكريم.

ولد "حَسن حُسني بن صالح بن عبد الوهاب بن يوسف الصمادحي التجيبي"، في 21 يوليو 1884 بعد احتلال فرنسا لتونس بنحو ثلاثة أعوام، فنشأ في بلد "مبتور السيادة" خاضع لدولة أجنبية تتولى إدارة شئونه وتسعى بكل وسائل القهر والإغراء إلى إدماجه في القومية الفرنسية، لساناً وثقافةً وحضارةً.

وكانت أسرته من أسر تونس العريقة التي كان لها شأن في الأدب والسياسة؛ فأبوه كان متخرجاً في الزيتونة، وتعلم الفرنسية حتى أجادها وتولى وظائف مرموقة بالدولة، وقد عني والده به عناية فائقة، وحرص على تنشئته نشأة إسلامية عربية.

ولما انتقل أبوه إلى ولاية المهدية وتولى أمرها ألحقه بأحد الكتاتيب فحفظ شيئاً من القرآن الكريم ثم التحق بالمدرسة الابتدائية حيث حفظ الربع الأخير من القرآن، ودرس شيئاً من علوم اللغة والدين، ثم انتقل إلى تونس بعد رجوع والده إليها، فأتم دراسته في مدرسة فرنسية، ونال الشهادة الابتدائية سنة 1899.

ثم التحق بالتعليم الثانوي بالمدرسة الصادقية التي تأسست قبل الاحتلال الفرنسي وكانت منارة للعلم بعد جامع الزيتونة في تونس، وعنيت بتعليم اللغة والأدب على يد نخبة من شيوخ الزيتونة، وبتعليم الفرنسية وجملة من العلوم والفنون الحديثة، وكان يمكن للمتخرجين في هذه المدرسة الالتحاق بالجامعات الفرنسية، وكان حسن عبد الوهاب يتردد على جامع الزيتونة ويتصل بشيوخه الأعلام، ويتخذ منهم قادةً له ورواداً، وتردد على خزائن الكتب به، يطالع فيها نفائس المخطوطات في اللغة العربية وآدابها، والتاريخ الإسلامي وحضارته.
 
ولما أتم دراسته الثانوية سافر إلى فرنسا، والتحق بمدرسة العلوم السياسية بباريس، حيث توسع في دراسة القانون والسياسة والاقتصاد، ثم شاءت الأقدار ألا يستمر في دراسته، فعاد بعد عامين إلى وطنه سنة 1904؛ نظراً لوفاة والده.
 
وتولَّى العديد من الوظائف الحكومية والعلمية، منها مُدير لمصلحة الأوقاف، ثم وزير للقلم والاستشارة لدى «الباي محمد الأمين الأول» حيث أشرف على الشئون الداخلية للبلاد، وتولَّى أمر المُراسَلات مع الدول والهيئات الأجنبية، كما تولَّى بعد استقلال تونس في الفترة من 1957 إلى سنة 1962 م إدارةَ معهد الآثار والفنون.
 
كان لحسن حسني عبد الوهاب نشاط علمي وثقافي متميز

ورغم توليه الوظائف الإدارية، فقد كان لحسن حسني عبد الوهاب نشاط علمي وثقافي متميز فلم ينقطع عن الكتابة وإلقاء الدروس والمحاضرات، وقد شارك فى عدد كبير من المؤتمرات العلمية والثقافية خارج تونس ومن بينها: مؤتمر المستشرقين المنتظم بالجزائر العاصمة عام 1905، كما شارك في مؤتمر كوبنهاغن بالدانمارك عام 1908، ومؤتمر باريس للمستشرقين الفرنسيين في 1922 ومؤتمر رباط الفتح بالمغرب عام 1927، ومؤتمر الموسيقى الشرقية بالقاهرة عام 1932، إلى جانب عدة مؤتمرات وندوات أخرى مثل فيها الحكومة التونسية.
المؤرخ التونسى
كان حسن حسني عبد الوهاب مولعاً بجمع المخطوطات والكتب النادرة، وقد جمع خلال حياته عدداً كبيراً من نفائس المخطوطات وأهداها إلى المكتبة الوطنية التونسية، ومن أهم أقدم نسخ القرآن بمكتبة حسن حسنى عبد الوهاب فى دار الكتب الوطنية ما يلى: قطعة من نسخة بخط كوفى عتيق، قوامها 70 ورقة، قطعة من نسخة، بخط مغربى عتيق، مكتوبة على الرق، قوامها 83 ورقة، وقطعة من نسخة بخط كوفى عتيق، قوامها 183 ورقة، وقطعة من نسخة مكتوبة على الرق بالخط الكوفى، قوامها 49 ورقة.

وأثْرَى المكتبة العربية بالكثير من الأعمال المؤلَّفة والمُحقَّقة، منها: "خلاصة تاريخ تونس"، و"أعمال الأعلام" ﻟ «لسان الدين ابن الخطيب»، و"التبصر بالتجارة" ﻟـ«لجاحظ»، وغيرها من الأعمال النادرة.

كان حسن حسني عبد الوهاب موضع تقدير دولته وثقتها، تعهد إليه بالأعمال فينهض بها على أحسن ما يكون، ومثلها في كثير من المؤتمرات والمنتديات العلمية فكان خير سفير لها، ورأس كثيراً من بعثاتها، لعل من أكرمها أنه ترأس بعثة الحج الرسمية لتونس مرتين: الأولى في سنة 1939، والأخرى سنة 1963، وفي هذه الرحلة الميمونة مر بمصر ممثلاً للحكومة التونسية في عيد جامعة القاهرة، ومُنح في هذا المهرجان درجة الدكتوراه الفخرية من كلية دار العلوم.
 
ولم ينقطع عن الرحلات التي اعتادها في أيام حياته إلا سنة 1964، وكانت آخر رحلة له حضوره دورة انعقاد مجمع اللغة العربية بالقاهرة، إذ أقعده المرض بعدها عن الخروج من البيت، لكنه ظل متيقظ العقل وافر النشاط، يفتح بابه للمترددين عليه من أهل العلم والأدب، ويجيب على ما يرد عليه من أسئلة وقضايا من خلال بريده، ومكث على هذا النحو حتى لقي الله في 9 نوفمبر 1968.

ونالَ العديد من الجوائز والأوسمة، منها جائزة الدولة التقديرية عام 1968 م، والدكتوراه الفخرية من جامعة القاهرة.

رحل المؤرِّخ والمُحقِّق الكبير «حسن حسني عبد الوهاب» عام 1968 م بعد مسيرةٍ طويلة غنيَّة بالتأليف والتحقيق ونشر التعليم والثقافة.
 
المصدر: وكالات
 
تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:
captcha